القصاص الشعبي

:
كان الناس يجتمعون في المقاهي المنتشرة في معظم أنحاء المدينة خلال أوقات فراغهم إذ لم يكن لديهم وسائل أخرى تملأ فراغهم, ويقبل الناس عادة على ارتياد المقاهي التي يزودها أصحابها بحكواتي يقرأ لهم قصصا شعبيه فيجلس هذا الحكواتي على دكة مرتفعة في صدر المقهى,وما أن يكتمل عقد الحضور حتى يبدأ بقراءة قصته التي قد تستمر بضع ليال , وتكون هذه القصص عادة مز النوع الحماسي المشوق , كقصة الزير وعنترة وأبي زيد الهلالي .
يحاول الحكواتي خلال التلاوة التركيز على صفات الأبطال وإبراز ما يتمتعون به من المآثر العربية كالشجاعة والمروءة والنبل والنخوة والوفاء وغير ذلك من المآثر,وبالمقابل فإنه يعمل على إظهار الأخلاق المنحطة التي يتصف بها مناوئوهم وخصومهم كالغدر والخديعة واللؤم وقلة الوفاء وغير ذلك .
أما إذا كان المتصارعون متكافئين ويتمتع كل منهما بصفات الرجولة والفروسية فينقسم السامعون حينذاك إلى فئتين أو فريقين , كل فريق يناصر بطله وينحاز إلى طريقته في التفكير والتدبير ويستغل الحكواتي هذه العواطف الجياشة فيصعد أحداث قصته ويعقب على تصرفات كل من البطلين ويتوقف في نهاية الجلسة على أحد المواقف المثيرة التي تشد السامع إليها وتجعله يتشوق إلى معرفة ما سيجري وذلك لحث الحضور على العودة في اليوم التالي .
كان بعض الحكواتية يروون قصصهم غيبا دون الرجوع إلى الكتاب فيقومون بحركات وإشارات شبيهة بما يقوم به الممثلون المسرحيون اليوم فيتجولون بين الحاضرين جيئة وذهابا وكأنهم أبطال القصة التي يروونها.